السبت، ٢٤ أكتوبر ٢٠٠٩

*** هيه دي مصر يا عبله

يدفع المصريون‏35‏ مليار جنيه سنويا في مكالمات التليفون المحمول‏..‏ في مصر المحروسة‏45‏ مليون مواطن أغلبهم من الشباب العاطل يحملون هذا الجهاز السحري العجيب ويدفعون صباح كل يوم عشرة ملايين جنيه في صورة مكالمات هوائية‏..‏ الحكومة وشركاتها تبيع الهواء لمواطنيها والمواطنون بكل السذاجة يدفعون هذه البلايين وهم جالسون فوق تلال الزبالة‏.

.‏
إن الرقم مخيف فعلا خاصة إذا أدركنا أن‏45‏ مليون مواطن يستخدمون المحمول وهؤلاء معظمهم من الشباب لأن‏70%‏ من سكان مصر من الشباب وهؤلاء الشباب بلا عمل لأنهم ينتظرون منذ سنوات في طوابير البطالة وهذا كله تبديد للثروة البشرية ممثلة في هذه الأجيال التي لا تعمل واكتفت بالحديث في المحمول‏..‏ في كل أسرة الآن ثلاثة أو أربعة تليفونات محمول‏..‏ وهذا يعني أن متوسط استهلاك كل أسرة في شراء الهواء من الحكومة هو‏500‏ جنيه موزعة علي خمسة أشخاص‏..‏ وفي تقديري أن هذا يمثل أسوأ أنواع السفه‏..‏ أن يكون مرتب كبير الأسرة ألف جنيه ويدفع نصفها لأحاديث الأبناء في المحمول‏..‏ وفي تقديري أننا أمام جريمة مزدوجة شاركت فيها الحكومة وشارك فيها الشعب‏..‏


إن التليفون المحمول قمة تكنولوجيا العصر وهو إنجاز حضاري وإنساني عظيم ولكن بقدر ماله من إيجابيات فإن فيه سلبيات كثيرة خاصة في مجتمعات متخلفة لا تدرك قيمة الوقت ومعني الاستثمار الحقيقي لأدوات العصر لأن التليفون المحمول ينقذ مريضا يموت‏..‏ ويقتل أيضا شابا بالمخدرات‏..‏ وأمام غياب الوعي والأمية والوقت الضائع تجد طوابير الشباب يستهلكون كل هذا الوقت في مكالمات هوائية لا تحقق دخلا ولا تزيد إنتاجـا ولا تدخل في نطاق التنمية الحقيقية بأي صورة من الصور‏..‏ سوف يرد البعض علي ذلك بأن هذه المشروعات تمثل استثمارا حقيقيا ورؤوس أموال ضخمة فهي عمليات إنتاجية متكاملة وأن هذه المشروعات وفرت آلاف الفرص للشباب وواجهت بها الحكومة أزمة البطالة والشباب الذي يتسكع في الشوارع بلا هدف أو غاية‏.


وأقول إن هذه المشروعات وفرت فرص عمل كثيرة ولكنها قاصرة علي أبناء كبار المسئولين والمحظوظين الذين يعملون في هذه الشركات ويحصلون علي عشرات الآلاف من الجنيهات شهريا‏..‏ إن كل شاب من أبناء المسئولين الذين يحصلون علي هذه المرتبات الخيالية يحرم أسرة مصرية كاملة من حقها في حياة كريمة‏..‏ أن أبناء المسئولين يعملون فعلا في هذه الشركات ولكن أبناء الشعب هم الذين يدفعون هذه المرتبات الخيالية‏.‏

***مقتبس من مقال للشاعر/فاروق جويده